كلنا سوريون – العدد 43
ليزلي سالي. سوزان هايداموس (7 كانون الثاني 2016)
دقت وكالات الإغاثة ناقوس الخطر الخميس بسبب الظروف القاسية في بلدة «مضايا» المحاصرة غرب دمشق، حيث كان الناس يأكلون القطط والعشب للبقاء على قيد الحياة وقد تمّ الإبلاغ عمّا لا يقل عن 23 شخصاُ لقوا حتفهم من الجوع. لم يصل أيّ طعام إلى بلدة «مضايا» الريفيّة المحاصرة منذ شهر تشّرين الأوّل، ولقد نشرت صور على الأنترنت تظهر السكان اليائسين، جثث، الهياكل العظميّة، والناس الهزال، بما في ذلك الأطفال. وقد صرحت جمعيّة أطبّاء بلا حدود عن موت 23 شخصاً من الجوع منذ بداية كانون الأول في عيادة تدعمها الجمعيّة في مضايا، ستّة منهم رضّع عمرهم أقل من سنة.
وقال «برايس دي لو فينغن» مدير العمليّات في منّظمة أطبّاء بلا حدود في بيان «لقد أصبحت المدينة سجناً في الهواء الطلق»؛ وأضاف: إن الناس اليائسين الذين يحاولون الفرار من المدينة إمّا أصيبوا أو قتلوا بسبب الرصاص أو بسبب الألغام الأرضيّة المزروعة في جميع أنحاء المدينة.
ووفقاً لـ «حسن أبو شادي» وهو عامل إنقاذ ووفقا في مدينة «مضايا» مـات واحـد أو اثنين من الناس يوميّاً من الجوع خلال الأسبوع الماضي، حيث تساقطت الثلوج على المدينة الجبليّة وغطت آخر ما تبقى من النباتات.
«كنّا نأكل أوراق الشجر والعشب، ولكن في هذه الأيّام لم يكن هناك أوراق بسبب الثلوج «وقال وهو يتحدث عبر الهاتف «لم يبق شيء إلا الملح والماء .«
وقالت الأمم المتّحدة في بيان لها إنّها تلّقت تقارير «موثوق بها» عن أشخاص ماتوا من الجوع أو تعرّضوا للقتل بينما كانوا يحاولون مغادرة المدينة، ورحبت بما قالت إنّه التزام من الحكومة السّورية للسّماح بوصول المساعدات لتسليمها في وقتٍ قريب.
تعتبر «مضايا» معقل للمعارضة السّورية وتحاصره الـقـوّات الموالية للحكومة منذ تموز الماضي. وقـالـت الأمــم المتحدة إنّ عدد الأشخاص المحاصرين في المدينة وهو 42000؛ بينما قالت منّظمة أطبّاء بلا حدود إنّ عددهم هناك هو 20000 محاصر.
كان القتال في «مضايا» – والتي سقطت في أيدي قوى المعارضة في عام 2012-من المفترض أن ينتهي في الصّيف الماضي أيضا بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، شمل اثنتين من البلدات التي تحاصرها المعارضة فــي شـمـال ســوريــة، وهـمـا» الــفــوعــة «، كفريا «. ووفقاً لشروط وقف إطلاق النار تمّ نقل مقاتلي المعارضة من «مضايا» و«الزبداني» من قبل الأمم المتّحدة إلى تركيا وسُمح للموالين للحكومة من بلدتي» الفوعة «و» كفريا «بالتوّجه إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السوريّة.
ونـص الاتفاق على أن يُسمح للمساعدات الغذائيّة والإمــدادات الأخرى بالوصول إلى المدنيين داخل المدن. ولكن تمّ تسليم دفعة واحدة فقط لـ» مضايا «يوم 18 تشّرين الأوّل، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن نفد الغذاء من المقيمين بالكامل تقريباً.
صرحت الأمم المتّحدة بأنّها تحتاج إلى موافقة الحكومة السوريّة لإرسال مساعدات غذائيّة إلى ما يقدر بـ 400 ألف من المحتاجين الذين يعيشون في مناطق مختلفة تحاصرها القوات الحكوميّة في جميع أنحاء سورية. وقالت الأمم المتّحدة أنّه في العام الماضي، تم الموافقة على 10 في المائة فقط من الطلبات المقدّمة للحكومة السوريّة.
الناس يعانون من الجوع في كثير من تلك المواقع، ولكن يبدو أن» مضايا «هي الأكثر تضررا حتّى الآن.
إنّ الحكومة السوريّة قد استخدمت لفترة طويلة تكتيكات الحصار لإجبار المدن التي سقطت تحت سيطرة المعارضة خلال الانتفاضة ضد بشار الأسد على الاستسلام. عند مدخل» مضايا «، يقول» أبـو شــادي «: لقد علقّ المقاتلون الموالون للأسد لوحة كتب عليها» الركوع أو الجوع «، وهو شعار يتضمن خيار قاس يوجهه المتّمردون في المجتمعات المحاصرة. وقال إنّ معظم المقاتلين المحاصرين للبلدة ينتمون إلى حركة حزب الله الشيعيّة اللبنانيّة التي تدعم الأسد، والتي تقود المعركة لاستعادة البلدات السورية على مقربة من الحدود اللبنانية القريبة.
ونفى حـزب الله تلك المزاعم، قـائلاً: إن ّالمتّمردين. يمنعون السكّان من مغادرة البلدة» والجماعات الإرهابيّة هي المسؤولة حصرا عن تجويع المدنيين في بلدة مضايا «وقال ّ التقرير الذي نشر على الموقع الإلكترونيّ لمحطّة تلفزيون المنار التابع لحزب الله إنّ مدن» الفوعة «و» كفريا «أيضاً لم تتلقّ أيّة مساعدات.
على الرغم من أنّه لا يمكن التحقّق بشكل مستقلّ من صحة التقارير التي تتحدّث عن سقوط قتلى الجوع، إلّا أن الصور وأشرطة الفيديو المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعيّ والتي تظهر الهزال الشديد للناس تشير إلى أنّ الظروف وخيمة. وفي إحداها، تظهر أمّ تطعم ابنتها الهزيلة البالغة من العمر 16 شهراً، رشفات من المربّى المدّد بالماء، كما تقول: لا يوجد حليب. وأظهرت الصورة التي انتشرت يوم الثلاثاء منظر الرجل الذي برزت عظامه والذي كان قد مات من الجوع في ذلك اليوم. وقالت الأمم المتّحدة إنّ الحكومة السوريّة كانت قد وعدت يوم الخميس بالسّماح بإدخال المساعدات ليتمّ تسليمها «في الأيّام المقبلة لمضايا» فضلاً عن اثنتين من البلدات الشماليّة التي يحاصرها المتمردون.
ترجمة: ب. ع عن صحيفة الواشنطن بوست