صدى الشام | العدد 101 | 04 آب 2015
إنَ المشاكل والصعوبات التي يواجهها اللاجئون السوريون في دول الجوار هي التي تدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم وأموالهم عبر اللجوء إلى طرق غير مشروعة للهجرة إلى أوروبا، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى مقتل العديد منهم.
سارة مراد
منذ بداية الصراع في سوريا، لجأ الكثير من السوريين إلى تركيا خوفاً على أرواحهم وأموالهم، حيث بلغ عددهم فيها ما يقارب 1.6 مليون نسمة، يعيش 85 بالمئة منهم خارج المخيمات. ويعتبر وضع اللاجئين السوريين في تركيا أفضل من باقي الدول المجاورة، ولكن مع استمرار تدفق اللاجئين، تفاقمت المشاكل التي يعاني منها السوريون، من انخفاض أجور العاملين وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار الشقق وصعوبة الحصول على العمل، بالإضافة لعدم استقرار وضعهم مؤخراً في تركيا، ليصبح الحل الوحيد بالنسبة لكثير من السوريين هو المغامرة بأرواحهم للوصول إلى أوروبا، حيث تعتبر الأخيرة الملاذ الوحيد الذي يوفر الأمان لهم. وفي الحديث عن الموضوع، يقول عمر، وهو صيدلاني مقيم في مدينة غازي عنتاب، لِـ “صدى الشام”: “قدمت إلى تركيا منذ ثلاثة أعوام، لم يتح لي المجال للعمل بشهادتي نظراً لعدم منح السوريين تراخيص للعمل في تركيا، فافتتحت متجراً لبيع الملابس، ولكنه فشل للأسف وأغلقته”. وأشار إلى أنً “متطلبات المعيشة في تركيا تعتبر غالية، وأن هناك صعوبة في إيجاد فرص عمل، كما أن استمرار تدفق السوريين إلى المدن الحدودية، ساهم في تضاعف إيجار الشقق، وتفاقم الصعوبات التي يعاني منها السوريون في هذه المناطق”. وأضاف: “أعمل حالياً كسائق لسيارة أجرة، لسد النفقات الواجبة علي”.
انخفاض أجور العاملين، وغلاء المعيشة، وارتفاع أسعار الشقق، وصعوبة الحصول على العمل، بالإضافة لعدم استقرار وضع السوريين مؤخراً في تركيا، دفعهم إلى التفكير الجدي بالهجرة إلى أوروبا.
وفي نفس السياق، تقول سهى: “أسكن أنا وعائلتي المكونة من أربعة إخوة وثلاث أخوات في غرفة صغيرة، وأعمل كمعلمة للغة الإنكليزية في إحدى المدارس السورية، وأتقاضى أجراً يبلغ 500 ليرة تركية شهرياً، وهو ما يكفينا كمصروف لمدة عشرة أيام”. وعند سؤالها عن الأسباب التي دفعتها لتقديم طلب لجوء إلى أوروبا، أجابت: “غلاء المعيشة هو أحد أكبر المشاكل التي عانينا منها، إضافة لقلة فرص العمل. أعمل أنا وأخي ولا نستطيع سداد إيجار المنزل ومصاريف المعيشة، فلا يوجد معونات تقدم للسوريين القاطنين خارج المخيمات”. وأضافت: “على الرغم من تقارب عادات وأفكار الشعبين التركي والسوري، إلا أننا بغياب القوانين التي توضح وضع السوريين، نشعر بعدم الاستقرار، وهو ما يدفع الكثيرين للمخاطرة بأرواحهم للسفر إلى أوروبا بشكل غير شرعي”.
غياب القوانين التي توضح وضع السوريين في تركيا يشعرهم بعدم الاستقرار، وهو ما يدفع الكثيرين للمخاطرة بأرواحهم للسفر إلى أوروبا بشكل غير شرعي.
ومع تزايد أعداد اللاجئين السوريين، شهدت مدينة غازي عنتاب التركية، وغيرها من المدن الحدودية الأخرى، ارتفاعاً ملحوظاً في إيجار الشقق السكنية، وهو ما عانى منه المواطن السوري والتركي على حدٍ سواء. تقول ليلى محمد لـِ “صدى الشام”: “نسكن أنا وزوجي في تركيا منذ عامين، وعانينا كثيراً في إيجاد شقة للسكن، فالعديد من أصحاب العقارات الأتراك يمتنعون عن تأجير السوريين، ومن يقوم منهم بذلك يرفع الإيجار كل فترة، إضافة لفرضه شروطا على المستأجر، من دفع مسبق للإيجار لعدد من الأشهر وغيرها، وعدم التزام الكثير منهم بشروط العقد والمدة الزمنية اللازمة لإخراج المستأجر من الشقة”. وأضافت: “نسكن حالياً في استديو صغير، وندفع 800 ليرة تركية كإيجار شهري”.
كما ساهم عدم منح السوريين لأذونات عمل في تشغيلهم بشكل غير نظامي بأجور زهيدة. وعن هذا الموضوع، يقول عمر: “الكثير من السوريين ينفقون من مدخراتهم الخاصة بحثاً عن عمل، وفي حال وجد تكون الأجور لا تتناسب مع الجهد المبذول. بعد قدومي إلى تركيا بحثت مطولاً عن عمل، إلى أن وجدت عملاً في مطعم؛ أعمل يومياً في غسل الصحون من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة العاشرة مساءً وبأجر شهري 800 ليرة تركية”. وعن تفكيره بالهجرة من تركيا إلى أوروبا، يقول: “أبحث عن مستقبل ٍ أفضل، لا أفكر في البقاء هنا. أعمل حالياً لجمع المال اللازم لسفري إلى ألمانيا حيث يمكنني أن أكمل دراستي الجامعية، وأن أجد عملاً يحقق طموحاتي”.
بلغ عدد اللاجئين السوريين في الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا 81 ألفاً، بعد أن بلغ عددهم العام الماضي 44 ألفا، منهم 28 ألفا طلبوا اللجوء السياسي.
وفي سياقٍ آخر، قررت قمة الاتحاد الأوروبي مؤخراً، استقبال 20 ألف لاجئ من مخيمات اللجوء خارج أوروبا. وكان رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددهم 28 دولة، اتفقوا في بروكسل على استقبال 40 ألف لاجئ مقيمين حالياً في إيطاليا واليونان، دون تخصيص حصص إلزامية للدول الأعضاء، وهو الاقتراح الذي عارضته الدول الواقعة شرقي الاتحاد على وجه الخصوص. حيث بلغ عدد اللاجئين السوريين في الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا 81 ألفاً، يتراوح عددهم حالياً في إيطاليا ما بين 15 و18 ألف لاجئ، وبلغ عددهم العام الماضي 44 ألفا، منهم 28 ألفا طلبوا اللجوء السياسي، ومعظمهم يغادر إيطاليا إلى بلدان أوروبا الشمالية، وذلك حسب تصريحات مسؤول المجلس الإيطالي للاجئين. كما أعلن متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية في برلين، أن بلاده ستستقبل نحو 8 آلاف لاجئ من الذين سيجرى توزيعهم مجدداً داخل دول الاتحاد الأوروبي. وسيستفيد من إعادة توزيع اللاجئين في الاتحاد اللاجئون السوريون وضحايا نظام الحكم العسكري في إريتريا. ولم تحدد ألمانيا بعد عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم من خارج أوروبا.