صدى الشام | العدد 127 | 1 نيسان 2016
تدمر مدينة سورية أثرية لها شهرتها العالمية ومكانتها التي لا ينافسها عليها أحد. تقع هذه المدينة في وسط سوريا، وتتبع إداريا لمحافظة حمص. تفصلها مسافة 215 كيلومتر عن مدينة دمشق، و150 كم عن نهر الفرات. وصل عدد سكانها إلى ما يزيد على 50 ألف نسمة.
تعرف حاليا باسم “عروس الصحراء”، لكن اسم “تدمر” هي أقدم تسمية للمدينة، وقد ظهر في المخطوطات البابلية المكتشفة في مملكة ماري السورية على الفرات، وهو يعني “بلد المقاومين” باللغة العمورية، و”البلد التي لا تقهر” باللغة الآرامية السورية القديمة.
ارتفع شأن المدينة بعد أن أصبحت عاصمة لمملكة من أهم ممالك الشرق، وهي مملكة تدمر التي نافست روما وبسطت نفوذها على مناطق واسعة. واتصفت مملكة تدمر بغناها الكبير بسبب تحولها لمركز تجاري هام عززه موقعها الجغرافي المميز.
تنتشر آثار تدمر على مساحة واسعة من المدينة الحالية، وتتكون من شوارع ممتدة تحيط بها الأعمدة الكاملة المميزة، وبوابات ومعابد ومسرح وحانات واكرابول وتتراتيل ومساكن وقصور وخزانات ومدافن وقلعة تاريخية.
أُقيم في المدينة لسنوات، مهرجان سياحي سنوي، تنوعت فيه الأنشطة الفنية بمشاركة فنانين سوريين وعرب، وفرق فنية. كما أقيمت العروض والمسابقات التراثية والفلكلورية، من سباقات للهجن وعرض للخيول العربية الأصيلة، وفعاليات ثقافية وأدبية وسهرات سياحية.
في الثورة السورية العظيمة ضد الظلم، كان لسكان تدمر مشاركاتهم المتميزة في المظاهرات السلمية والوقوف بوجه الطاغية، فقد رفعوا أصواتهم عاليا منذ الشهر الثالث من عام 2011. لكن قوات النظام سلمت المدينة لعناصر داعش الذين لم يرحموا البشر ولا الحجر، حيث نكلوا بسكانها كما قاموا بتفجير قوس النصر ومعبدين آخرين، وأعدموا حتى علماء الآثار فيها.
واليوم يتم اللعب على مسرحية أخرى، حيث ترتب داعش للانسحاب منها لتخلي مكانها لقوات النظام وتهديهم نصرا مجانيا هم بأشد الحاجة له.
تدمر المدينة التي لا تموت، والتي ستبقى شامخة بآثارها وأحرارها، حتى يرحل الطاغية وكل من معه.