صدى الشام | العدد 125 | 01 آذار 2016
أمين بنا- حلب
باستثناء يوم السبت 27/2/2016، اليوم الأول من الإعلان عن تطبيق الهدنة، بدا واضحاً أن مدينة حلب غير معنية بها. فبعد ارتكاب الطائرات الحربية الروسية لمجزرة راح ضحيتها حوالي 12 مدنياً في جمعية بابيص غربي حلب صباح يوم الأحد، عاودت قصفها لمناطق واقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في شمال وغرب المدينة، شملت كل من دارة عزة، وعندان، وكفر حمرة.
ولا يبدو ذلك مستبعداً، بقدر ما كان متوقعاً في مدينة تشهد أغلب مناطقها صراعاً محموماً، وسباقاً للسيطرة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بدءاً بالنظام، والتنظيم، مروراً بـ”وحدات الحماية” الكردية، ووصولاً إلى الميليشيات الطائفية التي تحاول التمدد في محيط منطقة الطامورة، باتجاه ريف حلب الغربي.
وتتجه الأنظار في المدينة إلى المعارك الأهم على المستوى المحلي، أي تلك التي تدور بين وحدات الحماية، وقوات المعارضة في المناطق التي تشرف على طريق “الكاستيلو”، المعبر الوحيد الذي يحول دون وقوع الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في داخل المدينة، في حالة حصار مطبق.
سقوط طريق “الكاستيلو” بيد الوحدات سيسفر عن وقوع الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة داخل مدينة حلب، في حالة حصار مطبق
وأكدت مصادر محلية مقتل مدني وجرح آخرين الأحد، جراء استهدافهم برصاص قناصات وحدات الحماية المتمركزة في حي الشيخ مقصود، أثناء عبورهم لطريق الكاستيلو، الذي يربط أحياء المدينة بمناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة.
في الأثناء أعلنت حركة أحرار الشام عن إحباطها لمحاولة تقدم قوات النظام، من قرية كفر عبيد نحو نقاط متقدمة لقوات المعارضة في قرية كفربيش، بريف حلب الجنوبي.
هذا في جنوب حلب، وبالانتقال إلى شرق المدينة، فلا زالت الاشتباكات على أشدها بين قوات النظام وتنظيم الدولة، في محاولة من الأولى لإعادة فتح طريق إمداد “حلب خناصر”، وسط أنباء تفيد عن تقدم لقوات النظام، لكن مع تكبده لخسائر كبيرة في العتاد والعدة.
وأوردت صفحات اخبارية موالية للنظام، صوراً لعشرات من جثامين القتلى، قالت إنهم قتلوا أثناء خوضهم لمعارك في محيط قرية خناصر، القرية الاستراتيجية التي استعادت قوات النظام السيطرة عليها، بينما تشهد مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم قصفاُ مكثفاً.
ولا يمتلك المراقب إلا الاعتراف بهشاشة الهدنة، واستحالة تطبيقها على الأرض، وذلك عند النظر إلى خارطة السيطرة المتداخلة في المدينة، وهو الأمر الذي عبر عنه المراقب والمنسق العسكري، الدكتور عبد المنعم زين الدين، بالقول: “الهدنة مستحيلة الانضباط في هذه الظروف الحالية، بل هي أشبه بكذبة لها ما بعدها”. مضيفاً عبر صفحته الشخصية فيسبوك: “لن يلتزم النظام، ولن تلتزم الفصائل. من هو على الأرض يدرك أن الجبهات متقاربة، والعدو في تحرك مستمر، وكل ما يقال عن الهدنة هو للاستهلاك الإعلامي. كل ما في الأمر، أن غارات الطيران ستنخفض في بداية الهدنة، وسيخفف النظام من رمي السلاح الثقيل لمدة وجيزة، كدليل على التزامهم بالهدنة. وحقيقة الأمر، لن يلتزم الضباط بقرار النظام، ولا الثوار بقرار القادة، لأن الأمر معقد وأصحاب القبعات الزرق غير موجودين على الجبهات”.
زين الدين: الهدنة مستحيلة الانضباط في هذه الظروف الحالية، بل هي أشبه بكذبة لها ما بعدها. الأمر معقد وأصحاب القبعات الزرق غير موجودين على الجبهات
وإلى الريف الشمالي في المدينة، الذي يشهد هدوءاً حذراً بين كل من الوحدات الكردية والمعارضة وتنظيم الدولة، قال عبسي الطه، وهو قيادي سابق في جيش “الثوار”، إن “الأيام القادمة ستشهد تغيراً كلياً في خارطة السيطرة، وقد تكون “الوحدات” الكردية، أكبر المستفيدين من هذه التحركات”، دون أن يفصح أكثر.
مضيفاً خلال حديثه لـ”صدى الشام”: “الهدف الأمريكي كان معلناً، وهو وجوب إفساح مجال لوحدات الحماية الكردية، حتى تستطيع قتال تنظيم الدولة، وهذا ما حدث فعلاً بعد سيطرة الوحدات مؤخراً على قرية “احرص”. وبالتالي، بات السيناريو الأمريكي في المنطقة مطبقاً”.