زيتون | العدد 126 | 01 آذار 2016
تحرير زيتون
مع دخول الإتفاق الذي توصلت إليه كل من واشنطن وموسكو في تاريخ 22 شباط/فبراير، المتضمن هدنة وقف إطلاق النار في سوريا، حيز التطبيق، ترتفع درجات الحذر في صفوف المدنيين المتواجدين في مناطق سيطرة كل من تنظيم داعش وجبهة النصرة، المستثنيان من إتفاق الهدنة.
مجموعة كبيرة من المناطق يسيطر عليها كلا التشكيلين في عدة محافظات سورية، لعل أبرزها حلب وإدلب والرقة ودير الزور وحمص ودرعا وريف العاصمة دمشق باتت على واجهة الاستهداف، فعدم شمولهما بإتفاق الهدنة يعني إمكانية شن هجمات جوية أعنف، وربما أكثر شراسة، من قبل طيران التحالف والروسي والسوري، كل ذلك أدى إلى إرتفاع معدل النزوح في مجموع تلك المناطق، خشية من المدنيين على حياتهم.
الناشط الحقوقي معروف محمود، يرى في تصريح لـ «زيتون» أن «الخطر موجود ولا يمكن إنكاره بالنسبة للمناطق المستثنية من الهدنة»، ويشير إلى أن قلقاً كبيراً يراود أهالي داريا بريف العاصمة دمشق، التي وردت معلومات عن استثنائها من قبل النظام مما سمي «وقف إطلاق النار»، داعياً إلى فرض إجراءات أكثر صرامة على نظام الأسد ومحاسبته في حال شن أية هجمات ضد المدنيين».
بينما يقول عبيدة الجاسم من الرقة لـ «زيتون»: «هواجس كبيرة الآن تنتاب المدنيين في الرقة، على مستوى الريف والمدينة معاً، كافة المناطق تحوي مقرات لداعش، وجميعها كانت سابقاً هدفاً لطيران الأسد وروسيا وقبلهما التحالف. الآن الهدنة لا تخص الرقة، ولا أهل الرقة، بل إنها في الحقيقة تشكل خطراً كبيراً عليهم، أنا أعني آلاف المدنيين، هناك نساء وأطفال لا ذنب لهم بالصراع، ولا بتواجدهم في مناطق داعش».
ويضيف «لا أعرف في الحقيقة ما سيكون الحال عليه خلال الأيام القادمة، أخشى أن تكون هدنة دامية في عموم المناطق الخارجة عن عمليات التهدئة. سيوجه الطيران الروسي والتابع للأسد الصواريخ عليها، نخشى من عمليات ثأر، هذا النظام متعطش للدماء، إذا ألزموه الروس بالهدنة رغماً عنه سيجد من إستثناء المناطق المتواجد فيها التنظيم أو حتى النصرة مبرراً لسفك المزيد من الدماء البريئة، حالياً هناك عمليات نزوح تجري، وهي مرتفعة والخوف يلف المدنيين».
ناهد الشامي، ناشطة ميدانية في ريف حمص، تقول إن المناطق التي تسيطر عليها النصرة ستكون عرضة لعمليات انتقام أيضاً، وهي ترى أن «على المدنيين المتواجدين هناك النزوح، إنه الحل الأمثل. هو حل قاسي ومرير، وعلى الائتلاف تأمين المدنيين في مثل هذه المناطق، هيئة التفاوض أيضاً، أين هي من هذه النقطة الحساسة؟!».
بالمقابل، أعلنت فصائل الجيش السوري الحر العاملة بسوريا، الجمعة 26 شباط/فبراير، الالتزام بقرار وقف إطلاق النار بدءاً من الساعة 12:00 من ليل اليوم نفسه، ولمدة أسبوعين كاملين، بحسب بيان للهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، فيما لم يشر البيان إلى مصير المدنيين في مناطق النصرة وداعش.
أم خالد جداي، تعيش في إحدى مناطق تواجد داعش في شرق حلب، تقول: «لم نعد نعرف أين نذهب بأنفسنا، رحلت أنا ومعي تسعة أولاد وزوجات وأطفال أربعة منهم، اثنان منهم قضوا بالقصف سابقاً، جميعنا أتينا إلى هنا، وعلقنا، ولم نعد نستطيع الخروج! كنا نريد الفرار لتركيا، الوصول لتركيا الآن أصبح حلم! ماذا سيحصل لا نعلم؟».
ويرى حسن عبد الكريم الذي أخذ قراراً بنقل أولاده المتواجدين مع زوجته بأحد مناطق سيطرة النصرة بدرعا، جنوب سوريا، أنه قام بـ»الحل الأمثل» لتجنب أن يخسر عائلته، ويضيف: «أنا أعلم أن النظام غادر والروس كذلك، لذلك هم قالوا هذه المناطق غير مشمولة بالهدنة، أنا متواجد بعيداً عنهم، لكن زوجتي وأولادي في خطر، لن أتركهم يموتون وأنا أنظر إليهم كما كل العالم المتآمر، طلبت منهم الرحيل لبلدة أخرى».
وفي دير الزور وريف إدلب وريفي حمص وحماة الشرقيين، تفيد مصادر ميدانية ببدء المدنيين تجهيز ملاجئ للفرار إليها بحال حصول عمليات استهداف جوي، كل ذلك في المناطق المسيطر عليها من تنظيم «داعش»، الذي أشارت المصادر نفسها إلى أنه لم يفعل شيئاً للمدنيين، سوى أنه طلب منهم التسليم بقضاء الله فقط، في حين أخلى قيادييه من الصف الأول إلى مناطق محصنة، وأجرى عمليات إعادة تموضع للعدة والعتاد!.
مر يومان على بدء الهدنة، مع إعلان الروس تعليق طلعاتهم الجوية لمدة 24 ساعة، يراها البعض فترة لصيانة طائراتهم، في حين يترقب السوري الذي وقع بين سندان القصف الجوي الروسي ومطرقة تنظيم الدولة، ليتحمل عبء تصفية حسابات دولية وتوسعة نفوذ لمشاريع أخرى وهو يرى مشروعه وثورته قيد الانتظار.