تمدن – العدد 103
كلمة العدد – رئيس التحرير
الصــور المتدفقــة مــن بلــدة مضايــا فاقــت كل الحـدود، فـلا يمكـن لعقـل بشـر أن يصـدق أن هـذه الصــور هــي فــي القــرن الحــادي والعشــرين وفــي عالـم متحضـر يتبجـح بالقيـم الإنسـانية والحضـارة. لكــن المطلــع علــى مجريــات الأمــور فــي ســوريا يعلــم أن هــذه الصــور هــي نتيجــة لحصــار خانــق فرضــه حــزب الله بتعــاون مــع مليشــيات شــيعية أخـرى وجيـش الأسـد الموغـِل فـي دمـاء السـوريين. المأســاة التــي بلغــت حــداُ غيــر مســبوق دفعــت بالنــاس إلــى أكل لحــوم القطــط والكلاب وأوراق الأشـجار لسـد رمقهـم وسـط تواطـئ دولـي وعربـي منقطـع النظيـر وشـماتة مـن أنصـار الأسـد وحـزب الله.
لكــن لمــاذا مضايــا، لمــاذا صــب النظــام وحــزب الله حقدهـم علـى هـذه البلـدة القلمونيـة الجميلـة، وامعنـوا فيهـا قتـلاً وتشـريداً، مضايـا القريـة التـي أذلـت عبيـد كسـرى والفـرس، مضايـا البلـدة التـي مرغــت جبــروت الأســد الأب والابــن فــي التــراب، كيــف لا وهي من أوائل البلدات الثائرة على النظام الذل والعار فــي ســوريا.
تجويع مضايا وصمة عار على جبين كل منّ ساهم في الحصار وكلّ مــن عمل من أجل تقســيم ســوريا. صحيح أنّ هذا التقسيم صار واقعا، لكنّ الصحيح أيضا أنّ المأساة السورية لا يمكن إلاّ أن ترتدّ على الذين أشعلوا نارها.
ليس مستغربا أن الحصار الذي يستهدف أهل البلدة، يأتي في سـياق عمليـات التهجير والحصار التــي مارسها النظام السوري منذ قيامه، أي منــذ تفــرّد حافــظ الأسد بالسلطة في خريف العام 1970.
من إفقار سوريا والسوريين إلى تجويع مضايا، لم يتغيّر شيء في نصف قرن. كان مطلوباً في كل وقت إخضاع السوريين بكلّ الوسائل المتاحة، بما في ذلك افقارهم وتحويلهم إلى عبيد في خدمة النظام. لكــن هناك من يقول »لا« في كل زمان ومكان وهي اللا التي تدفع ثمنها اليوم مضايا والمعضمية ودوما وكل المدن والبلدات المحاصرة في بلدي الحبيب سوريا، لا للعودة تحت بسطار الأسد لا لعبادة الأسد، عاشت مضايا حرة أبية