طلعنا عالحرية | العدد 66 | 7 آذار 2016
سمير كرم – إدلب
دخل اتفاق وقف العمليات العدائية في سوريا، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة – السبت 27 فبراير الماضي، وشملت الهدنة عموم البلاد، باستثناء مناطق يتواجد فيها “تنظيم داعش” و”جبهة النصرة”.
وتعتبر الهدنة بداية لمرحلةٍ جديدة، تشمل إلى جانب وقف العمليات القتالية، السماح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة وإخراج المعتقلين والبدء بمرحلة المفاوضات بشأن عملية انتقالٍ سياسي.
وتراقب الولايات المتحدة وروسيا وقف العمليات القتالية عن طريق مراكز في واشنطن وموسكو وعمان ومدينة اللاذقية السورية ومقر الأمم المتحدة في جنيف، فيما لاقت الهدنة قبولاً لدى المعارضة السورية بعد الوساطة الدولية.
وتنفس السوريون الصعداء بعد خمس سنوات من الحرب مع سريان الهدنة، فيما عادت المظاهرات السلمية إلى الأوساط الشعبية الثورية بكثافة، حيث سجِّل ناشطون 104 نقطة تظاهر يوم الجمعة الماضي، في مشهدٍ هو الأول من نوعه منذ أشهر عدة.
عن الهدنة استطلعت مجلة “طلعنا عالحرية” آراء عددٍ من الشباب في الداخل السوري، (حلب وإدلب)، وتوجّهت إليهم بالأسئلة التالية:
1 – ما رأيك بالهدنة التي أقرَّتها الولايات المتحدة وروسيا في سوريا ؟
2 – آلا تعتقد أن الهدنة رغم كل المآخذ عليها تعتبر خطوة متقدمة في خِضَمَّ الصراع السوري؟
3 – هل يعوِّل النظام السوري وحلفاؤه على الحرب أكثر من الهدنة؟
4 – هل فرص نجاح الهدنة ضئيلة وهل ستؤدي إلى المزيد من العنف والعنف المضاد؟
الصحفي “عبد الوهاب عاصي” (حلب – إعزاز) أكد لـ”طلعنا عالحرية” أن الهدنة خفَّضت من منسوب العنف، وأعادت نشاط المظاهرات السلمية، لكنها تبقى منفعة جزئية للثورة يقابلها مصلحة أكبر للنظام السوري وأتباعه؛ لافتاً أن وقف القصف لا يشمل ما أسمتها موسكو المنطقة الخضراء، فلا يزال سلاحها الجوي يقصف مناطق محددة ضمن بنك أهدافها.
وأضاف عاصي أن النظام السوري يعول على الحرب خلال الهدنة، ضمن قواعدها المفروضة؛ مشيراً إلى نيِّته التحرك من ريف اللاذقية “كنسبا” إلى جسر الشغور بريف إدلب، هذا من طرف. وكذلك الوصول للطبقة من خلال التقدم عبر دير حافر بحلب، وهلم جرّاً… بالتالي هناك مخطط حربي مؤطر بالهدنة تعمل عليه روسيا والنظام.
وعن نجاح الهدنة من عدمه أوضح عاصي أن ثمة فرص لفشلها، لوجود خلاف داخل المجموعة الدولية لدعم سوريا، فهناك الطرف الأوروبي ومعه التركي وبعض دول الخليج غير راضية بالحل الروسي – الأمريكي الحالي، لكنهم مجبرين للقبول به لقاء التهديد بالخطة (ب) أو مشروع الفدرالية.
الباحث والناشط “علي قسوم”(ريف إدلب- كفرسجنة) أكد أن الهدنة ربما إبرة مخدر، مضيفاً أنها الخيار الأفضل من المجتمع الدولي الذي لم يكن جدياً في تعاطيه مع الثورة، ونوَّه “قسوم” إلى أن الهدنة لكسب الوقت من قبل روسيا والنظام.
وأردف قائلاً إن ذلك من شأنه التحرك السلمي واستمرار المظاهرات، كما أوضح في الوقت ذاته أن الهدنة خطوة للحل السياسي والانتقال السلمي للسلطة، محذَّراً من تكرار العنف بدون ذلك.
ويوافقه الرأي “سالم المصطو “(مدينة إدلب – نازح من ريف حلب)، بقوله إن الهدنة قنبلة موقوتة، ومهددة بالإنفجار في أي لحظة. وطالب الجيش الحر بالالتزام بها، مؤكداً أنها الخيار الوحيد أمام الثورة حتى تحمي من تبقى من المدنيين، كما حذَّر من تكرار فصول المعاناة.
بدوره أكد الناشط الإعلامي “ياسين الأخرس” (ريف إدلب – كفرنبل) أن الهدنة هشة والكل يعلم أن الروس ونظام الأسد لن يلتزموا بها، لافتاً أنها محاولة لإنعاش الأخير المتفكك أمنياً وعسكرياً.
واعتبر “الأخرس” أن الحد من الصراعات في سوريا على حساب المعارضة المعتدلة وتحديداً الجيش الحر، أفرزت انعكاسات سلبية على الثورة، وذلك عقب سيطرة النظام على عدة مناطق قبل الهدنة بأيام.
ومضى بالقول أن النظام لا يهمه أمر المدنيين الذين جاءت الهدنة لأجلهم، كما يقول البعض، لافتاً أن الأيام القادمة ستشهد مزيداً من العنف من كافة الأطراف المتنازعة التي ترمم جبهاتها.
ويخالفه الرأي الممِّرض”يونس العثمان” (ريف إدلب – كفر عويد)، والذي يرى أن الهدنة مشجعة حيث خففت كثيراً من القصف على الشعب السوري، ويراهن على استمرارها وبالتالي إيقاف نزيف الدم، رغم أن النظام السوري يواصل قصفه على حد قوله.
أما المُدرِّسَة “سهام أ.م” (ريف إدلب – معرة النعمان)، فتقول ببساطة : “قبل ما يبحثوا الثوار على أي نصر .. لازم يتذكروا المجازر يلي صارت بالمعرة وأريحا وإدلب، ما فيهن يوقفوا المجازر، وان شاء الله مع الهدنة تتوقف، أحسن ما ترجع ليال الشمال الحزينة ويموتوا الناس من طيران الأسد وروسيا، إصحوا بقى…”
من جانبه يرى “يوسف منديل” أحد عناصر الجيش الحر ( ريف إدلب – معرة النعمان)، أن الهدنة في صالح النظام بعد استحواذه على مناطق شاسعة في الفترة الأخيرة، كان أهمها فتح الطرق لنبل والزهراء بريف حلب. وأشار إلى أن النظام لن يلتزم بالهدنة، رغم أن ذلك ليس في صالحه، بل إضعافٌ لدوره أمام الرأي العام العالمي الذي يراقب عن كثب تطورات الصراع في الداخل السوري.
استطاع السوريون إيصال صوتهم للمجتمع الدولي خلال فترة الهدنة، بعدة مظاهراتٍ عبروا خلالها عن أصل القضية (الحرية والكرامة)، إلا أن دكتاتورية الأسد حرَّفت أنظارالمجتمع الدولي إلى ربيبه تنظيم داعش.
لكن السؤال ماذا بعد الهدنة، هل سنشهد دوامة عنفٍ جديدة تلف المشهد السوري من جديد، أم أن ثمة تحركاً دولياً، أشار إليه السيِّد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة بقوله؛ إن لدى واشنطن “خطة بديلة” جاهزة في حال لم تنجح الجهود المبذولة لإنشاء حكومة انتقالية في سوريا، في إشارةٍ إلى شبح التقسيم، الأمر الذي نوَّهت إليه موسكو في صيغة الدولة الفيدرالية.